عن ماليزيا والغربة والحب .. ,وفتاة غبية كثيرًا "




1-مشهد واحد  "الطيارة"

 أجلس إلى جانبه الآن  وقد مر نصف الرحلة ، وقد كنت أظن أني أقوى من هذا كله، لم يكن نصفًا فقط ، بل عمر تجتره ذكرياتي الآن.

فهذا الطفل الصغير صاحب التسريحة الواحدة  التي لم تتغيرمنذ صغره ، بل الرغم من كونه مدللًا ، وحظى بقدر عظيم من إهتمام أمي التى ربته تربية مثالية ، وأنشأته كما أنشأتنا على الصدق والصراحة  إلا أنه يختلف عني تمامًا ،أنا ربما تغيرت لكنه أبدًا لم يتغير ، لا أتذكر في حياتي أنه كذب علي كذبة واحدة ، وأظنه -أيضاً- لم يكذب على أي أحد ، فقد تشرب صفات أمي بدون أن تنقصه حتى صفة واحدة هو أخذ من أمي الصفات برمتها دون نقصان ،نشأ ولديه من الأمانة ما إن نثر على قرية كاملة لكفاها ووفاها.

علمته أمي أن لا يعلو صوته على الكبير حتى و إن كان الكبير ظالمًا ،تربى على الفطرة السليمة البعيدة كل البعد عن قوانين هذا العالم. أنظر إلى هذا الطفل الجالس جواري في الطائرة وقد صار على مشارف الثلاثين شابًا يجلس إلى جانبي. أتطلع إليه الآن و الكلمات تعجز عن وصف ذلك المشهد.. فأنا في رحلة طويلة من كولالامبور الى الدوحة لم اكف عن البكاء  وأنا أنظر إليه و ،اكتب ،تسابق دموعي الكلمات التي أريد أن أكتبها وتتعرك في عقلي  لا أستطيع مغابتها ، وتربح الدموع هذه المرة.أكتب غير مصدقة أنه بعد أربع ساعات سأصل أنا الي الدوحة لأكمل حياتي التي لم اختارها بنسبة كاملة أو يمكن لي أن أقول أنها جاءت بأصعب طريقة ، فجاءت كأنها  مفروضة علي ولم أختارها بشكل أو بأخر..

٢-ضفيرة ذكريات

هذا الطفل الذي كان يحمل لي كتب المدرسة  ذهابا وايابا حتى لا يرهقني ، هو  نفس الطفل الذي يحملني من البيت الي المستشفى في نوبات قولوني الملعونة قائلا دوما وعيناه كلها دموع " مالك يا ماما بتحسي بإية بظبط ؟ " انظر اليه ولا انطق بحرف  واحد ،ومتحدثةً إلى كل هذا الجمال يعيش معي أنا ! .
 هذا الطفل  الذى كبر ليراني اسافر وانطلق وافعل كل ما يجول بخاطري ينظر الي من بعيد يراقب ، يشرف  ويعدل وينهر لكنه يحب كل ما افعل  نعم هو لايرضى  بشكل كامل عن الكثير مما أفعل ، لكنه لم يتخل عن حبي ودعمي لحظة واحدة ،فهو قادر بصوته أن يوصلني إلى قمة سعادتي وهو الوحيد  -أيضًا- اذا بات حزينا أو غاضبا مني أبت مسهدة حزينة يجافيني النوم .

 إعتادنا أن نحكي لبعضنا البعض كل شئ ،حتى قصة حبي الأولى عاشها معي واحتضني، أتذكر كل هذه كأنه حدث البارحة ، أتذكر عندما ضمني إلى صدره مخففًا عني ثم بكى ! نام إلى جانبي هذه الليلة ، ضمنى إلى حضنه ، وعندما ظهر الصباح كأن كل شيء قد إنتهى لم يحاسبني أو يلومني ، كان صادقًا حنونًا مستوعبًا لكل ما مرت وتمر به أنا أخته الصغرى ..

بعد عامين من الغياب ..
فاجأني هذا الطفل الثلاثيني الصغير بزيارة عاجله قرر فيها أن يضمني إلى حضنه مره  أخرى ،جاء ليفرحني ويسعدني او هكذا تصورنا فهو جاء ليذكرني إنه أنضف حدث عشته في ال ٢٦ عاما هي سنوات حياتي، كبر هذا الطفل ليأتي معي بلاد ما وراء النهر حتى يكمل ما رباني عليه ، فسواء كان غداءنا في مطعم فاخر أو شعبي ، يهم برفع الأطباق وتنظيف مائدتنا  ويلقى الأطباق بنفسه في صندوق  القمامة ؛أنظر اليه بغضب أرعن وجنون ظاهر قائلة :
" إسلام إنت بتعمل ايه في ناس شغله اده ؟! "  ...ينظر الي باسما بإيماءة رأس خفيفة كأنه يقول لي "حاضر" معترضًا بأدب على مناقشتي في أمرا تربى عليه ، لم أسعى للكمال في علاقتي معه بالعكس هو دائما ، كامل في كل تصرف له ،خاصة في علاقتنا به، اخبروا هذا الطفل إني لا استحق أن يكون لي  كل الجمال والطهر والنعمة

٣لقاء !
عامين كاملين كأنهما الدهر وأنا بعيدة عنه ،تغيرت أنا للأحسن في أشياء وللأسوأ في الكثير منها ،وتناسيت طيب خلقه وهدوء سريرته ،فأقل تصرف منه أتذكر قبحي ، اخبروه اني لم أحب مثله ولن أجد من احبه مثله ،فهو في مكانه في قلبي لم ولن يأخذه غيره.
سافر معي ليراني ونقضي وقتًا طيبا ، وحتى أكون صريحة معكم أنا لا أحب السفر إلا وحيدة ،أفضل دوما فعل كل الأشياء بمفردي خاصة في العامين الأخريين ، منذ أن أبتعدت عن أهلي  ،هذا البعد الذي يزداد يومًا عن الأخر؛فقد زادت مساحتي الشخصية، وقررت منفردةً  أن اصنع الذكريات معي انا وفقط  ، فكما أن كل شيء جميل تصنعه لي نفسي ، كذلك لا تتمتع به إلا نفسي ، فلا أحد يستحق ان اشاركه لحظاتي السعيدة طالما لن تشاركني فيه أسرتي الصغيرة البعيدة 
عني الآن.

وهكذا ألزمت أيامي أن تكون ممتلئة بتفاصيلي أنا فأخذتُ أنضج وأزداد قوة دون مساعدة او مشاركة أحدهم  أي كان سواء صديق كان أو صديقة لم يكن لي خيار أخر أعبر به عن اشتياقي لأسرتي الذي بلغ عنان السماء  غير هذا القرار..
جاء أخي ليجدد هذا الشوق ..
كعادتي اضع سمعاتي في أذني واتحرك كثيرا ،دقات قلبي  عالية تشوش صوت المزيكا التى تدورا بأذني اتحرك بسرعة ملتفتة بنظر حول المسافرين ، أبحث كطفل تائة  من أبيه ، احمل حقيبة اللاب توب  ، وأراسل صديقًا مقربًا شاكية من ألم ضهري ، وأنا أسير مهرولة أبحث عن أخيرأخي ، ذهبت اسأل إحدى موظفات المطار عن رقم الرحلة للتأكد من مكاني ثم أجد صوته ينادي علي بخجله المعهود " إسلام" ؟ .. إلتفت وإذا به هو هو ، كعادته يلتقطني من بين الناس أولًا ، يناديني بإسمه هو " إسلام " ، تسمرت في مكاني في وضعية إحدى التماثيل  ، أو كمانيكان في فاترينه عرض كنت متخشبة ،وحولني حوضنه وترحيبه إلى إنسانه جديدة ، لحظة تكنيت أن يقف في الزمن ، لو لو لعامين معوضًا نفس سنوات  الغياب ، أنا أرى أخي الآن أخذني بين أحضانه!  أنا لا اطلب اكثر من العامين بكيت  ،قبل رأسي قبلة ذكرتني بأمه الطيبة كأنه أمانة يحملها لي من أمي لتهبط على جبيني يرسلها لي بكل حب ،أخي أنت سندي في الحياة !

٤الغربة ..
ولأنني شخص عملي عشت سنتين من عمري بمفردي فكنت  عندما أمرض ،أربط على مكان الألم واطلب الإسعاف وارجع وحدي الي المنزل ، أنام فجأة من مسكناتي ، أما الآن وقد جدت مصدر الأمان كله معي ، فإسلام بجانبي سوف اقضي معه آكثر من اسبوع يا له من حدث جلل هي بنا نستمتع، هذا ما كنت أظنه عند وصولنا إلى الفندق  معتقدةً أن الأمر سيصبح سهلًا ومرنًا، لكني تمردتُ على مشاعري الضعيفة ، واظهرت قوة غبية مصطنعة ،وبدأ يعلو صوتي على محتجة لأجل أمور تافهة غير مجدية، فالغربة لعنة تخلق منك شخصا لا يستطيع التعامل مع أحد أخر غيرك.
لم أعتد على أحد بجانبي ،علمتني الغربة عندما أفرح آخذ دراجتي الصغيرة واذهب بها مستمتعة بموسيقاي المفضلة .
وعندما أحزن أرجع عائدة إلى المنزل أنهمك في ارسال الايميلات أو القراءة مدعية لكل من حولي إني بخير وإن الأمور في أعظم حالاتها، وها كل ذلك يستكسر وأنا أجده أمامي فوجدتني ألقي كل ذلك  ورأيتني ابكي طوال الرحلة ف في حضنه شاكية الجميع صارخة بكل مافي وأنا أخبره كل شيء اخبرته .
أخبرته بأني ليست جبروت كما يدعون، اخبرته اني احب الناس ولكني أخشاهم  ولا افهم لغتهم فأنا شخصية مباشرة افعل ما يحلو لي وما تربيت عليه ان لا اخشى احاديثهم عني، بل أخشى من حدتي التي بدأت تتملكني ،لذلك أفضل العيش وحدي، يؤسفنني أنني لم أعد أشبهك حتى الصفات القليلة التي كنت أشبهك فيها قد تآكلت بفعل الوحدة..
 كان مستوعبًا كل مايدور في رأسي ،جلست اردد له بشكل هيستري لا تتركني مرة أخرى ولا تصدق اي حرف سأقوله لك عند رحيلي فأنا غالبًا ما أدعي عكس مشاعري، سأتجاهل كلمة "وحشتني " التي سوف تقال فور وصولك بلدك سأتجاهلك فترة ولا أرد عى موبايلي، لا تصدق كل هذا فأنا تعلمت معكم معاني كثيرة أعظمها شغفي بالحديث ومناجاتي لله عنكم، إسلام أخبرهم أني لم أكف عن حب نفسي ، أخبرهم أنني لا أعير الناس أي اهتمام اخبرهم اني رد فعل ولم اكن يوما فعل مبادرة في إيذاء أي أحد.

٥ماليزيا ، وتحت عقب الباب ،وليه لحد دلوقتي  ما تجوزتش ؟
تربيت في بيت منعزل لا اتذكر إننا كنا نزور الأقارب أو يزورنا، عودتني أمي أن الفرحة مقسمة على أربعة أفراد وأن الحزن نصيبها وحدها، و" إسلام" بدوره  أخذ الجزء الأكبر من شخص أمي وكذلك حظها من همومنا، فكبرنا ونحن نعلم ان غلاوة أمي مثل غلاوة أخي الأكبر.
 قضيت معه رحلة مليئة بالتفاصيل والأسراروالضحك ، في غرفة الفندق جلسنا تعالت ضحكاتنا ، وفي النهارتركني أرقص في شوارع ماليزيا فرحاً بصحبته، تحمل عشقي للسيلفي، وحركتي الكثيرة  ،تقبل فكرة أن أتعامل مع الأشياء من زوايتي فقط؛ أن تجبر الأخرين أن يفكروا مثلك ويتصرفوا مثلك كفيلة أن توتر أي شخص يتعامل معك ، فمال بال أن يسافر معك ويعيش معك ،و يكون أخوك الأكبر..
إسلام أخي ليس كأي أحد أكبر ،يدعمني ، ويدعم شخصي بكل مافيه ..أتذكر أثناء سفرنا كنت على عجلة من امري لأرد قطعة من ملابس اشتريتها ولم تعجبني ، وكان المحل يوشك إغلاق أبوابه ،هبطت مسرعة فإذا بي أدخل من أسفل الباب الذي يغلقه الحارس ، تسللت كطفلة ،وأخي ينتظرني ببإبتسامة باردة ، وأنا أخرج من المحل منتصرة ، فاحتضنني وسار بي حتى الفندق،  لا أعتقد أن رجًلا مهما كان حبه وصبره ليتركني أفعل ذلك بدون أن ينهرني أو يمنعني ..
جاء ليذكرني بحضنه وامانه ورحل وتركني لعالمي مره اخرى وحيدة ، لا اخفي عليكم الوحدة شئ عظيم ولكن ذكريات
مثل التي عشناها سويا انا وهو تؤرق وتنغص اي إنسان حتـي مع شخص يقال عنه انه "جبلة " عن توثيق اللحظات لدي
من الهاردات الكثير ومعظمها يحوى صوري فبروفايلي الشخصي ملئ بالصور أخذها لي إناس أحبهم ويحبوني لكن لا
أخفي عليكم صور أخي لي لها كل الحلاوة والراحة فعينيه التقطت لي روحي وفطرتي التي تغيرت كثيرا من العالم
لأستطيع أن اواكب تفاصيل العالم الشرير صور إخي لي ليس مجرد صور لشخصي بل هي تجسيد لكل لحظاتنا معا منذ
الصغر حتى بعد أن اصبحنا في مقتبل الثلاثينات أخي وأسرتى أعطتني كل الحب والرعاية والإطمئنان وأخي سبب
رئيسي في تركيزي في إنتقاء الشخص الذي سأكمل معه حياتي بالبلدي كدة إسلام مصعبها عليا في اختياري له .. اخبروه
اني لم استطع قول كل الأشياء ..سأظل أحكي عنهم واحد تلو الأخر هما وفقط 

٦- هتوحشيني ياسوسو ..شعرك ده ؟!
كان من المتوقع أن انتظرة ال 8 ساعات الترانزيت لرحلته الي مصر ولكن كنت متوتره للغاية ابعد نظري عن الأسر أو عن المتزوجين أو عن آم وابنتها اركز فقط في المسافرين فرادى الذين يشبهوني تشبثت في دراع اسلام ولم اود ان اتركة يرحل وتاكدت من قدرتي على قضاء ساعات الترانزيت معه ولكن بعدها احتضنته حضن بارد وتركته ومشيت وكأني أعاند القدر في اني لا اريد منك الثماني ساعات التي تفصلني عن اخي فأنا أقوى من اختبارك وسوف أرحل أنا بيمعادي أنا لحظات وفارقني اسلام وعند اختفائة وجدتني اهرول عليه حضنته بكيت قبلني برأسي قائًلا " هتوحشني يا سوسو "
دخل شوية الشعر اللي بيطلعوا من الطرحة ثم ذهب تركني أكمل ما بدأته من سنتين شغلت نفسي بإرسال ميل عمل طويل وشرعت في وضع جدول من الأنشطة التى  سوف أنجزها فور وصولي من المطار شغلت نفسي بكل ما يشغل بعد تناولي العشاء مع صديقي المقرب ومسكت دموعي طيلة العشاء وتظاهرات إني في أعظم حالالتي قررت أذهب للنوم نفس الأحساسيس والمشاعر التي شعرت بها عند ايصالي لأختي الصغيرة وغزة بقلبي جحيمية بكاء صامت بحرقة ثم صراخ حتى النوم كمدا واستيقظت لأكمل أيامي بإبتسامة على الإنستجرام وكتبت عليها "هاي" متغافلة رسائله " إسراء وحشتني "  وطيلة الطريق أفكر في فكرة  أنه كان مووجود في البلد وأنا معه ولكنى أثرت البعد والرحيل حتى لا أتألم من فرضية والزام رحيلة دوما افعل هذا مع القلائل الذين أحبهم اذا وجب الوداع  أقرر الرحيل فجأه دون أي مقدمات .. إخبروه اني لا شئ بدونهم .









تعليقات

  1. احنا مش انصاف بشر عشان نكمل بعض بس وجودنا سوا بيجمع المثاليه وكل حاجه جميله ،.. ربنا يخليكم لبعض ماشاءالله

    ردحذف
  2. انا في غربه وحاسه بكل كلمه كتبتيها وبجد مش قادره اوقف دموعي انت انسانه صادقه وجميله اوي يااسراء علي الرغم اني متزوجه بس العيله والاخت والاخ واللمه مفيش حاجه تعوضها ربنايجمعك بمن تحبين ياحبيبتي ويسعد قلبك

    ردحذف
  3. ابكيتينى ...ربنا يجمعكم على خير

    ردحذف
  4. إسلام انا بسميه ابو تريكة الصغير.. من احب الناس إلى قلبي ربنا يحفظكم لبعض

    ردحذف
  5. انتى ازاى حلوة كظا ومشعرك احلى منك كدا انتى بجد حلوة من جوة وبرة اوى حتى لو اللى بتظهريه عكس مشعرك اللى بتحسيها عشان تبقي قويه وجامدة ودة من اثر الغربه فدة بيزيدك جمال القوة حلوة وحب لاهلك وبالاخص اخوكى جميل اوى ربنا يقربكو ويخاليكو ديما سند وظهر لبعض

    ردحذف
  6. الله يرضى عليكى هعيط ��

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة